إن كل غيرة على التوحيد مشكورة، وكل جهد لتنقية العقائد من الشوائب والأقذاء مقدور! ونحن نأبى الإغضاء عن مسالك أقوام يرهبون الأموات أو الأحياء أكثر مما يرهبون الله، ويطلبون منهم ما لا يطلب إلا من الله سبحانه.. وما أعرف مسلما ذا عقل يخاصم هذه الحقائق أو يعترض أصحابها! ولو رزق محمد بن عبد الوهاب أتباعا ذوى حكمة وبصيرة لكانت الأقطار التي انفتحت له أضعاف مساحتها الآن.. إن الدعاة المصابين بضيق الفطن، واصطياد التهم، وشهوة الغلب يضرون أكثر مما ينفعون.. ولست أعتذر بذلك عن جهالات الدهماء وتعصبهم الأعمى لمواريث غبية، وإنما أطلب من حملة الحق أن يعرفوا كيف يسيرون به وكيف يجادلون عنه، فلا يكونوا كالطبيب الذي قتل مريضه بسوء العلاج.. ومن أبرز تعاليم السلفية- بعد صون العقائد من الدخل- رفض التقليد المذهبي، والعودة بالأمة إلى الكتاب والسنة! وهذا حسن، بيد أن تطبيقه يحتاج إلى تأمل.. فإن السلفيين لم يتركوا تقليد أحمد بن حنبل، وإيثارمدرسته! ومن حق غيرهم أن يفعل ذلك مع سائر الأئمة الباقين! ثم إن الاجتهاد الفقهي ليس كلأ مباحا، فقد دخل في هذا الميدان من لا يؤمن على قراءة ورقة، وصدرت عنه فتاوى وأحكام تؤذي الإسلام وتنفر الخاصة والعامة منه .
محمد الغزالي