والدلالة التي تعلو على الريب في هذه المعركة أن شجاعة المسلمين وبسالتهم بلغتا حداً لم تعرفه أمة معاصرة ، وقد أكسبهم هذا الروح العالي إقداماً حقَّر أمامهم كبرياء الامم التي عاشت مع التاريخ دهراً تصول وتجول لا يفقها شيء. إن الاستهتار بالخطر والطيران إلى الى الموت ليس فروسية احتكرها الرجال المقاتلون وحدهم ، بل هي قوة غامرة قاهرة تعدت الرجال الى الاطفال ، فأصبحت الأمة كلها أمة كفاح عال عزيز . وحسبك أن جيش ((مؤتة)) لما عاد الى المدينة قابله الصبية بصيحات الاستنكار يقولون : يا فـُّرار ، فررتم في سبيل الله؟ إن اولئك الصغار الاغرار يرون انسحاب خالد ومن معه فراراً يـُقابل بـِحثْو ِ التراب. أي جيل قوي نابه هذا الجيل الذي صنعه الايمان بالحق !؟ أي نجاح بلغته رسالة الاسلام في صياغة اولئك الاطفال العظام ؟ من آباؤهم ؟ من أمهاتهم ؟ كيف كان الاباء يربون ؟ وكيف كانت الامهات يدللن؟ إن المسلمة اليوم بحاجة ماسة الى أن تعرفَ هذه الدروس.
محمد الغزالي