إن الحرية ليست حق الإنسان أن يتحول حيوانا إذا شاء، أو يجحد نسبه الروحى إلى رب العالمين، أو يقترف من الأعمال ما يوهى صلته بالسماء ويقوى صلته بالتراب، فإن الحرية بهذا المعنى لا تعدو قلب الحقائق، وإبعاد الأمور عن مجراها العتيد. بل الواقع أنك لن تجد أعبد ولا أخنع من رجل يدعى أنه حر، فإذا فتشت فى نفسه وجدته ذليلا لشهواته كلها، ربما كان عبد بطنه أو فرجه، وربما كان عبدا لمظاهر يرائى بها الناس، أو لمراسم يظنها مناط وجاهة، فإذا فقد بعض هذه الرغائب رأيته أتفه شىء ولو كان يلى أكبر المناصب، بل لو كان ملكا تدين له الرقاب.
محمد الغزالي