ومن المكابرة الكاذبة القول بأن الحضارة البشرية السائدة في ربوع هذا العالم من صنع الصليبية، وأن الصليبية أسهمت في رفعتها. الحق أن المدنية الحديثة شاركت في بنائها عناصر بشرية حرة الفكر، نيّرة العقل، ليس لها انتماء ديني مؤثر، ثم جاءت بعد ذلك الصهيونية والصليبية والشيوعية، ووضعت يدها على الحصيلة الأخيرة لتجعلها في رصيدها الخاص!.. وصادف ذلك كله أن الأمة الإسلامية كانت تتلوى مكانها من علل فادحة برحت...بها وعطلت حراكها، ومن ثم أخذت تتلقى الضربات من كل ناحية. والذي يدعو للغرابة أن الضربات لا تفتر، وأن الكيان لا يسقط! ترى كم سيبقى؟ إن الأعداء ماضون في الهجوم وقد أصابهم في الأيام الأخيرة لون من الهوس، لأنه خيل إليهم أن الدين الضحية، غالب آلامه، وعاودته العافية، ولذلك فإن العدوان زاد.. ولا يزال الدين الجلد صامدًا، بل بدا كأنه يتأهب لأمر ما .
محمد الغزالي