الشيخ محمد الغزالي
ﻤﻦ ﺍﻟﻐﺒﺎء ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺿﺎﻋﺔ ﺃﻥ ﺗﻠﺘﻮﻯ ﺍﻷﺛﺮﺓ ﺑﺎﻟﻤﺮء٬ ﻓﺘﺠﻌﻠﻪ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭ ﻟﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ٬ ﻻ ﻟﺸﻲء٬ ﺇﻻ ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﻟﻢ ﻳﺮﺑﺢ ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻭﺳﻊ ﻓﻜﺮﺓ٬ ﻭﺃﻛﺮﻡ ﻋﺎﻃﻔﺔ٬ ﻓﻴﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺎﻡ٬ ﻻ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺷﻬﻮﺍﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ . ﻭﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﺤﺎﻗﺪﻳﻦ٬ ﺗﻐﻠﻰ ﻣﺮﺍﺟﻞ ﺍﻟﺤﻘﺪ ﻓﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ٬ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻴﺠﺪﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﻨﻮﻧﻪ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻗﺪ ﻓﺎﺗﻬﻢ٬ ﻭﺍﻣﺘﻸﺕ ﺑﻪ ﺃﻛﻒ ﺃﺧﺮﻯ . ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻰ ﺍﻟﻄﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻻ ﺗﺪﻉُ ﻟﻬﻢ ﻗﺮﺍﺭﺍ ﻭﻗﺪﻳﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻄﻮﺓ ﺍﻟﺘﻰ ﻳﺘﺸﻬﺎﻫﺎ ﻗﺪ ﺫﻫﺒﺖ ﺇﻟﻰ ﺁﺩﻡ٬ ﻓﺂﻟﻰ ﺃﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﺃﺣﺪﺍ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺣﺮﻣﻬﺎ . ﻗﺎﻝ ﻓﺒﻤﺎ ﺃﻏﻮﻳﺘﻨﻲ ﻷﻗﻌﺪﻥ ﻟﻬﻢ ﺻﺮﺍﻃﻚ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ٬ ﺛﻢ ﻵﺗﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﻢ ﻭﻋﻦ ﺃﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﻭﻋﻦ ﺷﻤﺎﺋﻠﻬﻢ ﻭﻻ ﺗﺠﺪ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺷﺎﻛﺮﻳﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﻠﻴﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻰ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﻀﻄﺮﻡ ﻓﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺤﺎﻗﺪﻳﻦ ﻭﻳﻔﺴﺪ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ٬ ﻭﻗﺪ ﺃﻫﺎﺏ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﺒﺘﻌﺪﻭﺍ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺮ٬ ﻭﺃﻥ ﻳﺴﻠﻜﻮﺍ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻧﻬﺠﺎ ﺃﺭﻗﻰ ﻭﺃﻫﺪﺃ . ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻗﺎﻝ: ﻛﻨﺎ ﺟﻠﻮﺳﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺒﻰ ـ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﻄﻠﻊُ ﺍﻵﻥ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ٬ ﻓﻄﻠﻊ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ٬ ﺗﻨﻈﻒ ﻟﺤﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﻭﺿﻮﺋﻪ٬ ﻗﺪ ﻋﻠﻖ ﻧﻌﻠﻴﻪ ﺑﻴﺪﻩ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ٬ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻰ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ٬ ﻓﻄﻠﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ٬ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻰ ﻣﺜﻞ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ ﺃﻳﻀﺎ٬ ﻓﻄﻠﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﺎﻝ ﺣﺎﻟﻪ ﺍﻷﻭﻟﻰ . ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻨﺒﻰ ﺗﺒﻌﻪ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ- ﺗﺒﻊ ﺍﻟﺮﺟﻞ- ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻧﻰ ﻻ ﺣﻴﺖ ﺃﺑﻰ٬ ﻓﺄﻗﺴﻤﺖ ﺃﻻ ﺃﺩﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻼﺛﺎ٬ ﻓﺈﻥ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﻥ ﺗﺆﻭﻳﻨﻰ ﺇﻟﻴﻚ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻀﻰ ﻓﻌﻠﺖ ! ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ . ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺲ: ﻓﻜﺎﻥ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻳُﺤﺪﺙ ﺃﻧﻪ ﺑﺎﺕ ﻣﻌﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻰ ٬ ﻓﻠﻢ ﻳﺮﻩ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺷﻴﺌﺎ٬ ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺎﺭ- ﺗﻘﻠﺐ ﻓﻰ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﺫﻛﺮ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻬﺾ ﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﷲ: ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻰ ﻟﻢ ﺃﺳﻤﻌﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻻ ﺧﻴﺮﺍ . ﻓﻠﻤﺎ ﻣﻀﺖ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻰ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻭﻛﺪﺕ ﺃﺣﺘﻘﺮ ﻋﻤﻠﻪ٬ ﻗﻠﺖ: ﻳﺎ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻰ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﺑﻰ ﻏﻀﺐ ﻭﻻ ﻫﺠﺮﺓ٬ ﻭﻟﻜﻨﻰ ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﷲ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻚ- ﺛﻼﺙ ﻣﺮﺍﺕ-: ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻵﻥ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﻄﻠﻌﺖ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﻤﺮﺍﺕ ﻓﺄﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺁﻭﻯ ﺇﻟﻴﻚ. ﻓﺄﻧﻈﺮ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻚ ﻓﺄﻗﺘﺪﻯ ﺑﻚ . ﻓﻠﻢ ﺃﺭﻙ ﻋﻤﻠﺖ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻤﻞ ! ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺬﻯ ﺑﻠﻎ ﺑﻚ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﷲ؟ ﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ٬ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻓﻠﻤﺎ ﻭﻟﻴﺖ ﺩﻋﺎﻧﻰ ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ٬ ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻰ ﻻ ﺃﺟﺪ ﻓﻰ ﻧﻔﺴﻰ ﻷﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻏﺸﺎ٬ ﻭﻻ ﺃﺣﺴﺪ ﺃﺣﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﷲ ﺇﻳﺎﻩ. ﻓﻘﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﷲ: ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖ ﺑﻚ ﻭﻓﻰ ﺭﻭﺍﻳﺔ: ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻰ٬ ﺇﻻ ﺃﻧﻰ ﻟﻢ ﺃﺑﺖ ﺿﺎﻏﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﻢ . محمد الغزالي
اقتباسات أخرى للمؤلف