إنسان القرية لديه فرصة أكبر لكي يشاهد السماء المنقوشة بالنجوم، والحقول الخضراء، والزهور والأنهار والنباتات والحيوانات، فهو يعيش متصلاً بالطبيعة وعناصرها المتنوعة. ويقدم له (( الفلكلور )) الفني وطقوس الزواج والأغاني الشعبية والرقصات، نوعاً من الثقافة والخبرة الجمالية ليست معروفة لإنسان المدينة. أما الإنسان الحضري، فإنه يعيش في إطار مدينة كبيرة تغصّ بالمعارف السلبية لوسائل الإعلام الجماهيرية، ومحاطة بأشياء قبيحة من المنتجات الصناعية. أليس الحس بإيقاع الطبيعة الذي تملكه الشعوب البدائية قد ذَبُل تقريباً عند الإنسان الحديث؟ ومن أكبر الأخطاء في عصرنا شيوع فكرة أن ساكن الحضر لديه فرصٌ أكثر لممارسة الخبرة الفنية والجمالية. كأنما الحفلات الموسيقية والمتاحف والمعارض التي يتردد عليها نسبة ضئيلة جداً من سكان المدينة يمكن أن تكون تعويضاً عن النشوة الجمالية التي قد تكون لا شعورية ولكنها قوية عند إنسان القرية، الذي يستمتع بمشاهدة المنظر الرائع لشروق الشمس، وليقظة الحياة بعد انتهاء فصل الشتاء! إن غالبية سكان المدينة يمارسون أقوى مشاعر الإثارة في مباراة حامية لكرة القدم أو ملاكمة. وإجمالاً نقول: إن إنسان القرية حيّ وأصيل، أما العامل الصناعي الحضري فهو آلي وميت. علي عزت بيجوفيتش
اقتباسات أخرى للمؤلف