ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺬﻯ ﻗﻄﻌﻪ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻳًﻌﺪ ﺃﻟﻤﻊ ﺍﻟﻤﻮﺍﺛﻴﻖ ﻓﻰ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭﺃﺩﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺩ ﷲ٬ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎء ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻖ. ﻭﻗﺪ ﺗﻢ ﻓﻰ ﻟﻴﻠﺔ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺤﺞ٬ ﻭﻋﺎﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﻌﺎﻟﺠﻮﻥ ﺷﺌﻮﻧﻬﻢ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ٬ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺗﺒﻌﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻟﺰﻣﺖ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ٬ ﻓﻘﺒﻠﻮﻫﺎ ﻋﻦ ﺳﻤﺎﺣﺔ ﻭﻃﻮﺍﻋﻴﺔ.ﻭﻗﺪﻣﻮﺍ ﺩﻣﺎءﻫﻢ ﺳﻬﻠﺔ ﻓﻰ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﺪﺭ ﻭﻣﺎ ﺃﻋﻘﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺘﺎﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ٬ ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ـ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ـ ﻓﻰ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﻀﻮﺽ ـ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺛﻖ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺇﻋﻼء ﻛﻠﻤﺔ ﷲ٬ ﻓﻠﻤﺎ ﺍﻧﻜﺸﻒ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻰ ﺍﻟﺠﻮﻟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺣﻨﻴﻦ ﺃﻫﻤﻞ ﺭﺳﻮﻝ ﷲ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻰ ﺩﺧﻠﺖ ـ ﺑﻌﺪُ ـ ﻓﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ٬ ﻭﺻﺎﺡ ﺑﺎﻷﻭﻓﻴﺎء ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﺎﻳﻌﻮﻩ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻮﺳﻢ ﻳﻨﻘﺬﻭﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ. ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﻗﺎﻝ: ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﻡ ﺣﻨﻴﻦ ﺃﻗﺒﻠﺖ ﻫﻮﺍﺯﻥ ٬ ﻭﻏﻄﻔﺎﻥ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﺑﺬﺭﺍﺭﻳﻬﻢ ﻭﻧﻌﻤﻬﻢ ﻭﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﷲ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻋﺸﺮﺓ ﺁﻻﻑ٬ ﻭﻣﻌﻪ ﺍﻟﻄﻠﻘﺎء ﻓﺄﺩﺑﺮﻭﺍ ﻋﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﺑﻘﻰ ﻭﺣﺪﻩ!.. ﻓﻨﺎﺩﻯ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻧﺪﺍءﻳﻦ٬ ﻟﻢ ﻳﺨﻠﻂ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺷﻴﺌﺎ٬ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻨﻪ ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ٬ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﻟﺒﻴﻚ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﷲ٬ ﻧﺤﻦ ﻣﻌﻚ ﺃﺑﺸﺮ٬ ﺛﻢ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﻋﻦ ﻳﺴﺎﺭﻩ ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ٬ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻟﺒﻴﻚ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﷲ٬ ﺃﺑﺸﺮ ﻧﺤﻦ ﻣﻌﻚ... ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺑﻐﻠﺔ ﺑﻴﻀﺎء ﻓﻨﺰﻝ ﻓﻘﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﺎﻧﻬﺰﻡ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻭﺃﺻﺎﺏ ﻏﻨﺎﺋﻢ ﻛﺜﻴﺮﺓ٬ ﻓﻘﺴﻤﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻄﻠﻘﺎء٬ ﻭﻟﻢ ﻳُﻌﻂ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ.. ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ:ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﺪﺓ ﻓﻨﺤﻦ ﻧُﺪﻋﻰ ﻭﻳﻌﻄﻰ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﻏﻴﺮﻧﺎ؟؟ ﻓﺒﻠﻐﻪ ﺫﻟﻚ ﻓﺠﻤﻌﻬﻢ٬ ﻭﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ٬ ﻣﺎ ﺷﻰء ﺑﻠﻐﻨﻰ ﻋﻨﻜﻢ؟ ﻓﺴﻜﺘﻮﺍ٬ ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﻣﺸﻌﺮ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ٬ ﺃﻣﺎ ﺗﺮﺿﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ٬ ﻭﺗﺬﻫﺒﻮﻥ ﺑﻤﺤﻤﺪ ـ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﺗﺤﻮﺯﻭﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﻮﺗﻜﻢ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺑﻠﻰ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺭﺿﻴﻨﺎ٬ ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﷲ: ﻟﻮ ﺳﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﺩﻳﺎ٬ ﻭﺳﻠﻜﺖ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺷﻌﺒﺎ ﻟﺴﻠﻜﺖ ﺷﻌﺐ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻭﺍﻟﺤﻖ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﺎﻻﺕ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺭﺟﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ٬ ﻳﻔﺘﺪﻭﻥ ﻛﻠﻤﺘﻬﻢ ﺑﺄﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ٬ ﻻ ﻳﺸﻐﻠﻬﻢ ﻣﺄﺭﺏ ﺗﺎﻓﻪ٬ ﻭﻻ ﺗﺘﺒﻊ ﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﺮﺿﺎ ﺯﺍﺋﻼ.ﻭﻣﺴﻠﻚ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ـ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻰ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ـ ﻗﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﻭﺇﺧﻼﺻﻬﻢ٬ ﻓﻘﺪ ﺗﺄﻟﻒ ﺍﻷﻋﺮﺍﺏ ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺸﺘﻬﻮﻥ٬ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻀﺠﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻯ ﺍﻋﺘﻨﻘﻮﻩ٬ ﻭﻭﻛﻞ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻴﻦ ﺭﺍﺳﺦ. ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﻓﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ : ﺇﻧﻰ ﻷﻋﻄﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﺨﺎﻓﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﺒﻪ ﷲ ﻓﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ.
محمد الغزالي