ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻻ ﻳﺼﻨﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ٬ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻻ ﻳﺼﻨﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ؟ ﻓﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ. ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻘﺪﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﻳﺤﺘﺮﻣﻬﺎ٬ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻨﻰ ﺻﺮﺡ ﺍﻷﺧﻼﻕ. ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺴﺮ ﻓﻰ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ٬ ﺃﻭ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﺇﻟﻴﻪ٬ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ٬ ﻭﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺇﺯﺍﺣﺔ ﺍﻟﻌﻮﺍﺋﻖ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻹﻳﺠﺎﺩ ﺟﻴﻞ ﻓﺎﺿﻞ؟ ﺇﻥ ﻓﻄﺮﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺧﻴﺮﺓ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻣﻼﻙ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺇﻻ ﺍﻟﺨﻴﺮ٬ ﺑﻞ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻳﺘﻮﺍءﻡ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ٬ ﻭﺃﻧﻪ ﻳُﺆﺛﺮ ﺍﻋﺘﻨﺎﻗﻪ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻛﻤﺎ ﻳُﺆﺛﺮ ﺍﻟﻄﻴﺮ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻖ٬ ﺇﺫﺍ ﺗﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩﻩ ﻭﺃﺛﻘﺎﻟﻪ. ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻓﻰ ﻧﻈﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺗﺤﻄﻴﻢ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ اﻷﺛﻘﺎﻝ ﺃﻭﻻ٬ ﻓﺈﺫﺍ ﺟﺜﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻌﺪﺋﺬ٬ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺳﻤﻮﺍ٬ ﻧُﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﺮﻳﺾ٬ ﺛﻢﻳُﺴﺮﺕ ﻟﻪ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺸﻔﺎء. ﻭﻟﻦ ﻳﺼﺪﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺣﻜﻤﺎ ﻳﻌﺰﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺇﻻ ﻳﻮﻡ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻘﺎﺅﻩ ﻓﻴﻪ ﻣﺜﺎﺭ ﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ. ﻓﻰ ﺣﺪﻭﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﻳﺤﺎﺭﺏ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺨﻠﻘﻴﺔ٬ ﻓﻬﻮ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺍﺑﺘﺪﺍء ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺤﻴﺎ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺷﺮﻳﻒ٬ ﻭﺃﻥ ﻳﺤﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﻛﻔﺎﺣﻪ ﻭﺟﻬﺪﻩ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺃﻯ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺒﻨﻰ ﻛﻴﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ .
محمد الغزالي