الأسـرة هى المأوى الطبيعى لكلا الجنسين٬ والمستقر الوحيد الزكى لعلاقتهما . إن الإنسان وحده نصف٬ ما يبلغ تمامه إلا إذا انضم إليه نصف آخر . والشهوة الجنسية- لو صححنا النظر إليها- عامل ثانوى فى تكوين الأسرة٬ أو عاطفة مساعدة . أما الأساس الكريم الراقى٬ فهو الصحبة القائمة على الود٬ والإيناس والتآلف..!! وهذا الأساس هو الذى نوه القرآن الكريم به عندما ذكر قصة الخليقة : هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها . هذا السكن معناه استقرار الشعور والسلوك٬ واطمئنان المرء إلى أنه مع شخص يزيد به٬ ويستريح معه٬ ويهدأ فى كنفه عند القلق٬ ويلتمس البشاشة معه عند الضيق... وفهم الزواج على أنه رباط جنسى وحسب٬ سقوط فى التفكير٬ وفى الشعور.. إن الأمر أعلى من ذلك وأكبر٬ وتدبر قوله تعالى : ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة . لكن بناء البيوت على هذه الحقيقة الروحية يحتاج إلى كثير من التثقيف والتأديب٬ أو بالتعبير الصحيح يحتاج إلى الخلق والدين . إن العلاقات بين الزوجين عميقة الجذور٬ بعيدة الآماد. إنها تشبه- من القوة واللصوق صلة المرء بنفسه٬ ومن ثم عنى الإسلام بالمحافظة عليها والارتفاع بجوهرها وصيانة - ظاهرها وباطنها . هن لباس لكم وأنتم لباس لهن . وروى أبو سعيد عن النبى صلى االله عليه وسلم ` إن شر الناس عند االله منزلة يوم القيامة الرجل يفضى إلى امرأته وتفضى إليه ثم ينشرها .
محمد الغزالي