الشيخ محمد الغزالي
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﺪﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺴﻠﻮﺏ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ٬ ﻭﺃﻧﻪ ﻣﻘﻬﻮﺭ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﺳﺎﺑﻖ٬ ﻭﺃﻥ ﺳﻌﻴﻪ ﺑﺎﻃﻞ٬ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻐﻴﺮ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻤﺎ ﺧﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻰ ﺍﻷﺯﻝ. ﻧﻘﻮﻝ: ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺳﻌﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻃﻞ؟ ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ: ﺇﻥ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺁﺗﻴﺔ ﺃﻛﺎﺩ ﺃﺧﻔﻴﻬﺎ ﻟﺘﺠﺰﻯ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﺑﻤﺎ ﺗﺴﻌﻰ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻝ : ﻭﺃﻥ ﻟﻴﺲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺳﻌﻰ ﻭﺃﻥ ﺳﻌﻴﻪ ﺳﻮﻑ ﻳﺮﻯ ﺛﻢ ﻳﺠﺰﺍﻩ ﺍﻟﺠﺰﺍء ﺍﻷﻭﻓﻰ؟ ﺇﻥ ﺍﷲ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻨﺼﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ! ﻭﺃﻥ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﺄﻧﻪ ﺃﺧﻄﺄ ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺒﻐﻰ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺐ٬ ﻭﺃﺳﺎء ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺤﺴﻦ٬ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: ﺍﻗﺮﺃ ﻛﺘﺎﺑﻚ ﻛﻔﻰ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﺣﺴﻴﺒﺎ . ﻓﻬﻞ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﻭﻫﻮ ﻣﺠﺒﻮﺭ ﻣﺴﻜﻴﻦ؟ ﺃﻡ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﻭﻫﻮ ﺣﺮ ﻣﺨﺘﺎﺭ؟ ﺇﻥ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺠﺒﺮ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺮﻓﻮﺿﺔ ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻤﺎء ﺍﻹﺳﻼﻡ٬ ﻭﺃﻣﺎﻣﻨﺎ ﺃﻣﺮﺍﻥ ﻻ ﺛﺎﻟﺚ ﻟﻬﻤﺎ: ﺇﻣﺎ ﺻﺮﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺇﻟﻰ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻘﺒﻮﻝ! ﻭﺇﻣﺎ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺁﺛﺎﺭﺍ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﺔ ﻗﺎﺩﺣﺔ ﺗﺴﻘﻄﻬﺎ ﻋﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺼﺤﺔ٬ ﻓﺈﻳﺮﺍﺩﻫﺎ ﻓﻰ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ. ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻄﻌﺖ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻌﻘﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﺻﺮﻑ ﺷﺒﻬﺔ ﺍﻟﺠﺒﺮ ﻋﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺷﺘﻰ ﻟﻜﻨﻰ ﻟﻢ ﺃﺳﺘﻄﻊ ﺇﺻﻼﺡ ﻋﻘﻮﻝ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺴﻮﻕ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺿﺤﺔ٬ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻞ ﺍﻟﻘﺎﺩﺣﺔ. ﻳﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻰ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﺘﻰ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻬﻼﻙ : ﻭﺟﺎءﺗﻬﻢ ﺭﺳﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﺒﻴﻨﺎﺕ ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﷲ ﻟﻴﻈﻠﻤﻬﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻳﻈﻠﻤﻮﻥ ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺳﺎءﻭﺍ ﺍﻟﺴﻮءﻯ. ﺍﷲ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻣﻘﺘﺮﻓﻰ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﺑﺎﻟﺴﻮءﻯ ٬ ﻓﻬﺬﺍ ﻋﺪﻟﻪ٬ ﻭﻟﻮ ﺷﺎء ﻋﻔﺎ ﻓﻬﺬﺍ ﺣﻘﻪ. ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻈﻠﻢ ﻣﺜﻘﺎﻝ ﺫﺭﺓ... ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻨﺴﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺠﺒﺮ ﺛﻢ ﻧﻘﻮﻝ ﻻ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ! ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﻄﺌﻮﻥ ﻓﻰ ﺍﻟﻔﻬﻢ٬ ﻭﻳﺠﻮﺭﻭﻥ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ٬ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻰ ﺃﻥ ﻳﺴﻘﻄﻮﺍ ﻋﻮﺟﻬﻢ ﺍﻟﻔﻜﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ . محمد الغزالي
اقتباسات أخرى للمؤلف