لأول وهلة .. لا يبدو بينكِ وبين الصحراء أي شبه.. لأول وهلة .. تفزعين من المقارنة وتحتجين بعنف .. الصحراء مخيفة .. ملتهبة .. مليئة بالصخور والرمال .. تقولين .. الصحراء قاسية القلب .. تمضغ القوافل التائهة .. الصحراء عالم بلا خصب.. بلا ماء.. بلا روح.. ربما! ولكن هل رأيتِ الصحراء؟ هل رأيتِ الصحراء ذات أمسية من أماسي الصيف.. حين تدنو النجوم من الأرض .. تقترب حتى يمكن أن نلامسها بالأصابع .. تنهمر من السماء إنهماراً ويشتعل الأفق في مهرجان من الجمال.. لو رأيتِها لما غضبتِ حين أقول : أنتِ كالصحراء في أماسي الصيف.. ولكن! هل رأيتِ الصحراء قبيل الشروق .. وألوان الفجر الحمراء تنسكب على عباءة الليل الرمادية.. ونيران المخيّم تصارع قشعريرة النسيم .. والحياة تحتفل احتفالاً صاخباً بمولد يوم رائع جديد؟ لو رأيتها لسررتِ حين أقول : أنت كالصحراء في لحظات الشروق.. ولكن! هل رأيتِ الصحراء في الربيع بعد موسم العطاء.. كيف تتفجر اقحواناً و خزامى وزهوراً لها ألف اسم وألف شذى.. وكيف تختفي الرمال في بحار من الخضرة المتأججة؟ لو رأيتِها لابتسمتِ حين أقول :أنتِ كالصحراء.. في عرس الربيع.. فيا صحرائي الغالية الفاتنة.. رحبي بهذا البدوي.. خذيه إلى أقرب واحة .
غازي عبد الرحمن القصيبي