وعلى رأس الساخرين في العالم أديب ياباني اسمهجيبنشا إيكو كان فقيراً لا يستطيع شراء أثاث منزله، فعلق على جدران بيته صور الأثاث الذي سوف يشتريه لو استطاع أن يملك ثمنه. وفي المواسم الدينة كان يضحي بصور القرابين التي كان يتمنى أن يضحي بها لو كان عنده ثمنها. ولم يكن لكتبه عائد يذكر، وزاره ناشر كتبه في يوم العيد، وكان الناشر يلبس ملابس جديدة فاخرة، فراوغ الناشر حتى أغراه بأن يستحم عنده، فلما وقع الناشر في الفخ، وخلع ملابسه لبسها إيكو، وراح يزور بها معارفه من الأهل والأصدقاء. ولما بلغ هذا الأديب الساخر مرض موته أعطى بكل وقار وجدّ تلاميذه لفائف يضعونها على قبره- من عادتهم أن يحرقوا موتاهم- وبعد التهاب النار ووقوفهم للدعوات والصلوات خاشعين، وضعوا هذه اللفائف فإذا هي تنفجر فرقعات من اللهب، والمتفجرات الملونة البهيجة، والمفرقعات والرسوم الملونة في الهواء، فلم يسع الحاضرين إلا الضحك وأنساهم هذا الساخر ما هم فيه من الحزن عليه.
زكي نجيب محمود