إن الموقف العام في بلادنا تسوده نظرة لا علمية على نحو لا يدع مجالا للشك، خصوصا إذا رأينا حقيقة الموقف من وجهة نظر الجمهور. فحتى لو كان علماؤنا قد استطاعوا أن يأخذوا العلم الكشفي مأخذ الجد، فلم يكن تأثيرهم ليتجاوز أشخاصهم ليصبح فعالا في تحويل الجمهور العام نحو قدر من الرؤية العلمية، حتى لو كان ذلك القدر ضئيلا؛ لأن الأمية نسبتها عالية، والقراءة بين من تعلموا ضيقة الحدود، فضلا عن ارتفاع الصوت الذي يناديهم في غير انقطاع لاصطناع الوقفة المستقبلة المستسلمة في غير نقد، أو اجتراء على السؤال فيما لا ينبغي لهم أن يعلموه. وهي وقفة كثيرا ما تتورط في مفارقة عجيبة. وانظر إلى الريفي في بساطته وبراءته، تجده شكاكا فيما يُنقل إليه عن أفراد الناس، وعن نيات الحكومة إزاءه، لكن أنبئه ما شئت من مستحيلات عن كائنات غيبية، فلن يتردد لحظة في تصديق ما أنبأته به.
زكي نجيب محمود