غازي القصيبي
من سيبقى واقفاً في الطابور، إذن؟ منتوفو الريش، ((المسحوقون)) كما يقول الأدباء الواقعيون، وضعاف الأبدان والعجزة وقصار اللسان. أليس هذا، بالفعل، مصير كل طابور في العالم الثالث؟ وهل رأيت، عزيزي القارئ في حياتك كلّها عظيماً أو كبيراً أو مصارعاً يقف في طابور؟ بل هل رأيت شخصاً يعرفه الموظف واقفاً في طابور؟ وتذكرتُ، وضحكتُ، أنني في بداية عهدي بالواجاهة الوظيفية من سنوات كنت حريصاً غاية الحرص علي الوقوف بهذه الطوابير. ربما كان ذلك بدافع الرغبة في بدأ سابقة نافعة، وربما كان السبب نزعة خفيَّة في تعذيب الذات. وربما كان السبب هو ((الغرور العكسي))، والغرور العكسي هو أن تعمل عكس ما يفعله المغرورون عادة (ومن أمثلة ذلك أن تكون بليونيراً، وتتنقل في سيارة يابانية صغيرة، وتستخدم ساعة قيمتها خمسون ريالاً، وترتدي ((نعال زنوبة)) . غازي عبد الرحمن القصيبي
اقتباسات أخرى للمؤلف