قبل ان يرشف الرشفة الاخيرة من كوبه سرحت عيناه طويلا باتجاه البحر وهو ممسك بالكوب قريبا من يده. لمعت عيناه وهو يلتفت نحوي وقال كمن توصل الي قرار حاسم:­ بس انا رأيي الواحد يجرب كل حاجة.. حتي في الاخر يجرب الانتحار بقي عشان الحكاية تخلص. انقبض قلبي او لعله تحطم اولعلي بكيت أو أوشكت ان ابكي.. بينما رشف هو آخر مابكوبه من شاي.. وأنزله بقوة علي الترابيزة.. ثم انه لم ينطق بحرف ولم يلتفت نحوي.. كأنه لم يراني أصلا.. وكأنه لم يكن قد أمضي الدقائق الماضية التي لااعلم عددها يحدثني ضاحكا وشاكيا.. وكأني كنت جزءا من طقوس طعامه وشربه الشاي فلما انتهي انتهيت وانتهت حاجته الي. أمعنت النظر اليه لعله يلتفت فلم يفعل.. هممت بأن احدثه فاختنق صوتي بحشرجة مرة.. أخذ يفرك يديه محدقا في المجهول.. لم تجذب انتباهه نحنحاتي المتتالية ولامدي يدي نحو كوب الماء المستقر الي جوار كوبه الممتلئ ببقايا الشاي .
بلال فضل