فتى الصحراء ! فتى الصحراء الذي اصطفاه ربهُ ليحمل الكتاب، فهجر دياره، وسلاحه كتاب فغزا به العالمين ! الفاتح الذي لا يشبهه فاتح ! إنه لم يغزُ البلدان والأمصار وكفى، بل غزا القلوب بسره، وفتح النفوس بسحره، يوم خروجه من الديار هو بدء تاريخ الهجرة. وها الناس على توالي القرون، وقد هاموا بجاذبيته النورانية، يهجرون ديارهم وخيراتهم ويقتحمون المفاوز والأخطار ليحجوا إلى البقعة الصغيرة العظيمة التي تجمع عندها معنى الديار والأوطان، وتركزت فيها ثقة اليقين وانبعث منها نور الإيمان! سيد الغزاة والفاتحين! إنه فتانا، فتى الرمضاء وفتى الرمال! إنه جاء بمعجزة المعجزات فأخرج الخصب الخصيب من ديار القحط والجدب! فتى الصحراء العجيب، ذو العينين الدعجاوين، حيث أودعت السماء نطفة الضياء! إن ذكراه لممتزجة بذكرانا .
مي زيادة