كان جمال عبد الناصر يحارب في الكونغو واليمن ويرفع رايات القومية والاشتراكية في كل مكان من المحيط الاطلسي الى الخليج الفارسي ، وكان يهتف مخاطبا كل مواطن مصري : ارفع رأسك يا أخي . ولكن المواطن المسكين والمخدوع لم يكن ليستطيع أن يرفع رأسه من طفح المجاري ومن كرباج المخابرات ومن خوف المعتقلات ومن سيف الرقابة ومن عيون المباحث ، وساد مناخ لا يزدهر فيه إلا كل منافق ، وأصبح الشعار هو الطاعة والولاء قبل العلم والكفاءة ، وتدهورت القيم ، وهبط الانتاج وارتفع صوت الغوغاء على كل شئ ، وعاش عبد الناصر عشرين عاما في ضجة اعلامية فارغة ومشاريع دعائية واشتراكية خائبة ، ثم أفاق على هزيمة تقسم الظهر وعلى انهيار اقتصادي وعلى مائة ألف قتيل تحت رمال سيناء وعتاد عسكري تحول إلي خردة ، وضاع البلد وضاع المواطن.
مصطفى محمود