إنما يبدأ الحل عندما يتجاوز الإنسان نفسه ويعلو عليها باحثاً عن الأسمى والأرفع. حينذاك يكون هنالك أمل .. مهما اختلفت التصورات في هذا الهدف الأسمى الذي نتجاوز أنفسنا طلباً له. فالفنان يطلب الجمال والمفكر يطلب الحقيقة والثائر السياسي يطلب العدالة والصوفي العارف يطلب الله وهم قد اختلفوا في الظاهر ولكنهم ما اختلفوا في الحقيقة .. لأن الحق العدل البديع الجميل كلها من أسماء الله. وإنما الذي اختلف وتخلّف وتوقف وتعثر وهلك هو الذي لم يطلب سوى نفسه ولم يختر سوى نفسه فبدأ من نفسه وانتهى عند نفسه. ومثله لا يفيق من هذه القوقعة التي أغلقتها عليه شهواته إلا لحظة الموت حينما يكتشف أنه عبأ الهواء في جوالات وجمع الفراغ في حقائب وأنه لم يجمع شيئاً سوى العدم .
مصطفى محمود