لفت انتباهها في ذلك المساء كثرة العصافير التي تحطّ على أغصان الأشجار باتجاه الشمس التي تكاد تولّي لهذا الجزء من العالم ظهرها. تمنّت للحظة أنّها عصفور يستمتع بهواء نقيّ وأغصان باسقة ويأكل ممّا يجد في سبيله. هتفتْ في نفسها: إنّها حياةٌ أكثُر بساطة وجمالا من التعقيدات والصّعوبات التي يبدو أنها سِمة الحياة البشرية جمعاء. () سمعتْ نفسها تهمس لها: إذا كان المنظر يتبدّى لنا جميعا بالكيفيّة نفسها، فلِمَ يحرّكني حتّى تضجّ به روحي، ثم لا يكون التأثير ذاته على جاري. صمتتْ ثم أدركت البَوْن الشّاسع بين من ينظرُ بعيني قلبه ومن ينظر بعيني رأسه. (ص195-196) .
أيمن العتوم