إن الفن يعكس الهستيريا الاجتماعية و يشعلها و يؤكّد حالات القلق التي نعانيها و يزيد عليها بحصار خارجي من الصور و المؤثرات و المهيجات تطيح بالبقية الباقية من النفوس السليمة.. و توقع بها هي الأخرى في مشانق القلق. إن المحروم يزداد شعورا بالحرمان بعد ارتياد السينما، و الجائع يزداد جوعا.. و الشكاك يزداد شكّا.. و المتردّد يزداد ترددا.. و السليم النفس يحس أنه غريب غير طبيعي. إنّ الفن يضع مزيدا من الأثقال على المتناقضات فتزداد تناقضا.. و يزداد التوتر بينها حدّة. و النتيجة أننا تعساء.. و أننا نفقد حريتنا.. و نفقد اختيارنا و نضيع في الدّوامة الدّاخلية في نفوسنا، و نفقد الاتصال بالدنيا. و نعيش في سجن حقيقي و نحن أحرار لم يصدر علينا حكم. (...) إن الرقابة على الفنون لا تًجدي.. لأن الفنون تعكس حقيقة واقعة.. فالمجتمع متوتّر فعلا.. نفوسنا مشدودة الحبال.. و حياتنا ذات أنغام عالية .
مصطفى محمود