د. مصطفى محمود
من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن يجد كلّ منا حلمه.. لم يخلق بعد النظام الذي يحقق لكلّ منا أحلامه.. كل النظم محاولات تقريبية لتحقيق السعادة.. والسعادة نسبية.. وكل واحد له مزاج.. ومزاج واحد عكننة بالنسبة للآخر. وكيف يمكن إرضاء الملايين.. كيف يمكن إرضاء مليون مزاج ومزاج. مستحيل.. إن أي نظام يعجز عن يفي لكل فرد حقّه.. والواقع سيظل دائما كثيفا سخيفا.. والواقع فيه صفة أخرى.. إنه وقح لا يتركنا في حالنا.. وإنما يدخل في حياتنا كل لحظة ويقتحم علينا سكينتنا.. وهذه صفة الواقع.. الاقتحام.. الواقع يخرق آذاننا ولا ينتظر منا أن نرحّب به أو نرفضه.. وإنما يدخل علينا عقر دارنا كما تدخل الصفيحة من تحت الباب.. وكما يدخل الماء من المواسير.. والكهرباء من الأسلاك. الواقع يقفز إلينا من النوافذ يحمل إلينا آلاف المزعجات في كل لحظة.. وهو أحيانا يجاملنا وأحيانا يضللنا.. وأحيانا يبهجنا.. وأحيانا يحزننا.. ولكنه دائما يسرقنا من أنفسنا ويفرض علينا وجوده وهو وجود مشكوك فيه، ولكننا لا نستطيع أن نتحقق من تفصيلاته لأنها كثيرة.. كثيرة جاد.. ومتناقضة ومتشابكة ومعقدة.. طوفان من المزعجات.. ولا خلاص من هذا الطوفان إلا بالنوم.. النوم هو السدّ العالي الذي يرتفع أمام هذا الطوفان ويحجزه عن الوعي.. ولهذا يصبح النوم نعمة وراحة كبرى . مصطفى محمود
اقتباسات أخرى للمؤلف