تكمن قوة الصمت الرجالي في كونه سلاحا تضليليا . إنه حالة التباس كتلك البذلة المرقطة التي يرتديها الجنود كي يتسنى لهم التلاشي في أية سلاحة للقتال . إنهم يأخذون لون أي فضاء يتحركون فيه . إنّه صمت الحرباء.. لو كان للحرباء صوت. تقف أمامه المرأة حائرة، تتناوب على ذهنها احتمالات تفسيره بحكم خدعة الصمت المتدرّج في ألوانه من إحساس إلى نقيضه. صمت العشق.. صمت التحدي.. صمت الألم.. صمت الكرامة.. صمت الإهانة.. صمت اللامبالاة.. صمت التشفي.. صمت من شفي.. صمت الداء العشقي.. صمت من يريد أن يبقيك مريضاً به.. صمت من يثق بأنّه وحده يملك دواءك.. صمت من يراهن على أنّك أوّل من سيكسر الصمت.. صمت من يريد كسرك.. صمت عاشقين أحبّ بعضهما بعضاً حدّ الانكسار.. صمت الانتقام.. صمت المكر.. صمت الكيد.. صمت الهجر.. صمت الخذلان.. صمت النسيان.. صمت الحزن الأكبر من كلّ الأحزان.. صمت التعالي.. صمت من خانك.. صمت من يعتقد أنّك خنته ويريد قتلك بصمته.. صمت من يعتقد أنّك ستتخلّين عنه يوماً فيتركك لعراء الصمت.. الصمت الوقائي.. الصمت الجنائي.. الصمت العاصف.. والصمت السابق للعاصفة.. صمت الانصهار وصمت الإعصار.. الصمت كموت سريري الحبّ.. والصمت كسرير آخر للحبّ ينصهر فيه عاشقان حتى الموت.. الصمت الذي ليس بعده شيء.. والصمت الذي ينقذ ذلك الشيء ومنه تولد الأشياء مجدّداً جميلة ونقيّة وأبديّة بعد أن طهّرها الصمت من شوائب الحبّ .
أحلام مستغانمي