ولكن هذه مجرد كوابيس لا ثورة. - كل الثورات تولَد هكذا، معمَّدة بالدم .. حتى ولادة الطفل، لا تتم إلا معمدة بالدم. - ولكن عددًا كبيرًا من الأبرياء والعُزَّل يموت. - لا أحد بريء في مجتمع مجرم. - والواقفون على الحياد؟ - لا حياد في مجتمع بلا عدالة .. المحايدون هم المجرمون الأوائل .. الأكثرية الصامتة هي الأكثرية المجرمة .. أنها تري الظلم وتعانيه، لكنها تؤثر السلامة الرخيصة على الكفاح الخطر النبيل. - بعض الناس غير مؤهَّلين لرؤية الدم. - حينما يبحثون جيدًا في جرحهم الداخلي ودمهم النازف .. لابد وأن يتعلَّموا رؤية عدوهم ينزف تحت ضرباتهم هم. - من ضربك على خدك الأيمن، أدر ليه الخد الأيسر. - بل العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم. - ولكن ما ذنب الأكثرية الصامتة الآمنة المسالمة؟ - ذنبها صمتها والمسالمة والعيش في وهم الأمن .. كل عملية حياد هي مشاركة في عملية قتل يقوم بها ظالم ما ضد مظلوم ما .. الأكثرية الصامتة هي الأكثرية المجرمة .. إنها تُشكِّل إغراءً لا يقاوم لممارسة الظلم عليها .. إنها هي التي تثير غريزة الشر في نفوس الذئاب البشرية .. المُسَالَمة هي تحريض على القتل .. وتلك جريمة .. المُسَالَمة هي شروع في الانتحار .. وتلك جريمة أيضًا .. لا يوجد شيء اسمه الشعب البريء .. شعبنا مجرم بحق نفسه .. حين ارتضى حمل جلاديه على أكتافه عشرات السنين.
غادة السمان