شريعة الخوف ينظر القاتل إلى شَبَح القتيل ، لا إلى عينيه ، بلا ندم . يقول لمن حوله : لا تلوموني ، فأنا خائف . قتلتُ لأني خائف ، وسأقتل لأني خائف. بعض المشاهدين المدربين على تفصيل التحليل النفساني على فقه العدل ، يقول: إنه يدافع عن نفسه. والبعض الآخر من المعجبين بتفوُّق التطور على الأخلاق ، يقول : العدل هو ما يفيض من كرم القوة . وكان على القتيل أن يعتذر عما سبَّب للقاتل من صدمة ! والبعض الآخر ، من فقهاء التمييز بين الواقع والحياة ، يقول : لو وقفتْ هذه الحادثة العادية في بلاد أخرى غير هذه البلاد المقدسة ، أكان للقتيل اسم وشهرة ؟ فلنذهبنَّ ، إذن إلى مواساة الخائف وحين مشوا في مسيرة التعاطف مع القاتل الخائف ، سألهم بعض المارة من السُيَّاح الأجانب : وما هو ذنب الطفل ؟ فأجابوا : سيكبر ويسِّبب خوفاً لابن الخائف . وما هو ذنب المرأة ؟ قالوا : ستلد ذاكرة. وما هو ذنب الشجرة ؟ قالوا: سيطلع منها طائر أَخضر . وهتفوا: الخوف ، لا العدل ، هو أساس الملك أما شبح القتيل ، فقد أطلَّ عليهم من سماء صافية. وحين أطلقوا عليه النار لم يروا قطرة دم واحدة !... وصاروا خائفين. محمود درويش