محمود درويش
يحكون في بلادنا يحكون في شجن عن صاحبي الذي مضى و عاد في كفن ما قال حين زغردت خطاه خلف الباب لأمه : الوداع ! ما قال للأحباب .. للأصحاب : موعدنا غداً ! و لم يضع رسالة كعادة المسافرين تقول إني عائد و تسكت الظنون و لم يخط كلمة .. تضيء ليل أمه التي .. تخاطب السماء و الأشياء ، تقول : يا وسادة السرير ! يا حقيبة الثياب ! يا ليل ! يا نجوم ! يا إله ! يا سحاب ! أما رأيتم شارداً عيناه نجمتان ؟ يداه سلتان من ريحان و صدره وسادة النجوم و القمر و شعره أرجوحة للريح و الزهر ! أما رأيتم شارداً مسافراً .. لا يحسن السفر ! راح بلا زوادة ، من يطعم الفتى ، إن جاع في طريقه ؟ من يرحم الغريب ؟ قلبي عليه من غوائل الدروب ! قلبي عليك يا فتى .. يا ولداه ! قولوا لها ، يا ليل ! يا نجوم ! يا دروب ! يا سحاب ! قولوا لها : لن تحملي الجواب ، فالجرح فوق الدمع ، فوق الحزن و العذاب ! لن تحملي .. لن تصبري كثيراً لأنه .. لأنه مات ، و لم يزل صغيراً
اقتباسات أخرى للمؤلف