عذَّبْتَنَا
يا حبُّ . من سَفَرٍ إلى سَفَرٍ تُسَفِّرنا سدى . عَذَّبتنَا ،
غَرَّبتنا عن أهلنا ، عن مائنا وهوائنا . خَرَّبتنَا . أفرغتَ
ساعات الغروب من الغروب . سلبتنَا كلماتنا الأُولى
نهبْتَ شُجَيْرةَ الدُرَّاق من أيامنا ، وسلبتنا أيامنا . يا
حُبُّ قد عَذَّبتَنا ، ونهبتنَا . غرّبْتنَا عن كُلِّ شيء واحتجبْتَ
وراء أوراق الخريف . نهبتنا يا حب . لم تترك لنا شيئاً
صغيراً كي نُفَتِّش عنكَ وكي نقبِّل ظلِّه ، فأتركْ
لنا في الروح سنبلة تحبُّكَ أَنت . لا تَكْسِر زُجَاجَ
الكون حول نِدائنا . لا تضطربْ . لا تصطخبْ . واهدأْ
قليلاً كي نرى فيك العناصر وهي ترفع عُرْسَها الكُليَّ
نحوك . واقتربْ منا لنُدرك مَرَّةً : هل نستحقُّ
بأن نكون عبيد رَعْشَتِكَ الخفيةِ ؟ لا تبعثر ما
تبقَّى من حُطام سمائنا . يا حبُّ قد عذّبتنا ، يا
حب ، يا هِبَةً تُبَدِّدُنا لترشد غيبنا فيهبّ
هذا الغيب ليس لنا وليس لنا مصبُّ النهر،
والدنيا تهبُّ أمامنا ورقاً من السّرْوِ القديم ليُرْشدَ
الأشواق للأشواق . كم عذَّبتنَا يا حُبُ ، كم غيّبْتَنَا
عن ذاتنا ، وسلبتنَا أسماءنا يا حُبُّ