وكان الوطنُ كقدم طفل، محبوساً في حذاء حديديّ. وكان سرحان لا يعرفُ أكثر من ذلك. هذا يكفي كان يقول. لأنّ الاعترافَ بما هو أبعد يُفيدُ المُحقّقين ويوسّع العِبارة.
كانوا ينقّبون كلّ ذرّة من ذرّاتِ كيانه، ويُدخلون الأنابيب الدقيقة الحادّة في مسامّ جلده، بَحثاً عن فكرة الوطن. وحين كانوا يتعبون من النُزهة في الجسد الضعيف، كانوا يسدّون المسامّ المُتّسعة بافتتاحيّات صُحُفٍ تحتجّ على الانتهاك، ثمّ يغطّونها بطحين جاء من كندا، ويُخبّئون الجسمَ كلّه، بما فيه من أسرارٍ وغابات، بقماش مُتبرّعين يحبّون الكلاب ويعطفون على الناس المساكين.