أذكر قولاً اعتقد أنّه لهرقليطس :روح الإنسان بلد قصيّ , لا يستطيع أحد الاقتراب منه واختراق حدوده , والتجوال فيه . سيضحك الشاعر الاغريقي القديم . سيقول أني توهمت , وأن ما اقتربت منه وتجولت فيه كان بلدا غير بلد الروح . ربما كان محقاّ . ربما نحن لم نعطَ جواز المرو إلى مملكتنا الحقيقية . أو أن لدينا جواز المرور , و لكن شرطة الحدود لا يعترفون بجوازنا . أو أننا ما نكاد ندخل حتى نعثر ونسقط . أو أننا ندخل ونندهش ثم نتيه . الطرق لا إشارات فيها ولا أضواء . وهي كثيرة الحفر كالهاويات . ومن يدري ؟ في أماكن تتخللها الغابات الكثيفة - التي تنطلق من بين أغصانها وحوش لا تعرفها كتب الحيوان ... في دواخل الرّوح منّا تلتهمنا الوحوش !عبدالرحمن منيف