خلال الأيام الأولى بعد الوفاة كانت أمي تبكي أبي بلا انقطاع، تُوجه حديثها إلى أبي كأنها تراه: لماذا تركتنا وحدنا يا عبده؟ كانت تُعاتبه كأنها غاضبة منه، كأنه قرر أن يموت، شيئا فشيئا استنفدت أمي دموعها وصراخها ثم همدت، تغيرت هيئتها، جفت.. اخشوشنت.. تصلبت.. نضب ماؤها.. تحولت من زوجة إلى أرملة.. تلك اللمحات البراقة الناعمة التي كانت تفلت منها في ساعات الرضا فتعلن عن أنوثتها، اختفت إلى غير رجعة وتركت مكانها صرامة مشوبة بمرارة، اكتسب وجهها الأسمر الجميل تعبيرا حانقا متحفزا كأنها خدعت بقسوة ولن تسمح بتكرار ذلك أبدا.علاء الأسواني