إني أفهم الآن موقف آدم عقب اخراجه من جنة السماء ، إني أتخيله قد لبث - بغير حراك في الموضع الذي هبط فيه ، ومرت به ليال وأيام وهو ينظر إلي السماء ، يرقب كل حركة فيها : إذا رعدت ؛ فهو صوت أبوابها ، تفتح لتناديه من جديد ، وإذا لمع البرق ؛ فهي ابتسامة رضا قد يعقبها انفراج المحنة ، وإذا تساقطت الشهب ؛ فهي همسات غضب ما زال قائما ، وإذا استدار البدر ؛ فهو شفيع وبشير بعودة الهناء القديم ... وكر الزمن وآدم يتمرغ في مكانه بين اليأس والرجاء ، عند ذلك المهبط من الأرض ، يمسح وجهه بأعتاب النعيم ، إلي أن انتزعته غريزة الحياة من هذا القنوط الطويل ، وأرغمته على النهوض ، فقام يدب في الأرض ، ويعيش كما تعيش الأحياء من المخلوقات .