ى الحياة العادية حين يتشابك الناس ويتضاربون ليس هذا بضرب ، فإحساس المضروب أن باستطاعته أن يرد الضربة يخفف كثيرا من وقع ما يتلقاه ، والألم الذى ينتج عنها يتبخر فى الحال ويستحيل إلى حافز يدفع صاحبه للهجوم والانقضاض . بالاختصار أنت لا تشعر بالضرب حين تكون حرا أن ترده .. أنت تشعر به هناك حين يكون عليك فقط أن تتلقاه ولا حرية لك ولا حق ولا قدرة لديك على رده .. هناك تجرب الإحساس الحقيقى بالضرب ، بألم الضرب ، لا مجرد الألم الموضعى للضربة أو الألم العام الناتج عنها، إنما بألم آخر مصاحب أبشع .. أقوى .. ألم الإهانة .. حين تحس أن كل ضربة توجه إلى جزء من جسدك توجه معها ضربة أخرى إلى كيانك كله ، إلى إحساسك وكرامتك كإنسان. ضربة ألمها مبرح لأنها تصيب نفسك من الداخل إصابة مباشرة لا يحجبها أو يخفف منها جلد أو لحم أو عظم أو حرية أو حق الإنسان أن يتصرف كالإنسان ويرد ، وهذه كلها دروع لو تعلمون عظيمة .إن حرية الإنسان .. حقه أن يرفض أو يقبل أو يرد الاعتداء جزء لا يتجزأ من جسده وكيانه ولحمه وأنسجته الواقية الحية. يوسف إدريس