يخيّل إليّ أنّنا حين نتحرّك وحين نعمل وحين نأكل وحين نصرّ على أخذ إجازتنا السنويّة ، يخيّل إليّ أننا نفعل هذا كلّه لكي نبحث عن شيء وراء هذا كلّه. شيء لا نجده في الطعام فنبحث عنه في الكتب ، ولا نجده في الكتب فنبحث عنه في الصداقة والعمل ، ولا نجده في العمل فنبحث عنه في الأحلام. شيء نؤمن أنه موجود ولكننا لا نعرف ما هو وكيف نجده. ولهذا تستمر عملية بحثنا عن هذا الشيء المجهول ، ويستمر أملنا في العثور عليه ، وبالاختصار نستمر نحيا . ويحدث في أحيان قليلة أن يعثر الواحد منّا على هواية مثلاً ، على قضيّة يؤمن بها ، على زوجة ، وإذا به يدرك أنها الشيء الذي كان يبحث عنه طوال حياته ، وقد يدرك بعد فترة أنّه خُدع وأنه لا يزال عليه أن يبحث ويكدّ ، ولكنّه ما أن يعثر على شيءٍ كهذا حتّى يصبح محور حياته وهدفها الأوّل. يوسف إدريس