((يقول شاعر اليابان أكاكورا :
عرفت الإنسانية شعر الحب عندما عرفت حب الأزهار. إن اليوم الذى قدم فيه أول رجل باقة الزهر الأولى إلى محبوبته هو اليوم الذى ارتفع فيه الإنسان فوق مستوى الحيوان .. لأنه بارتفاعه عن حاجات الطبيعة المادية أصبح إنساناً .. و بإدراكه الفائدة المتسامية لما هو غير مفيد مادياً حلق فى سماوات الفن .. فى الأفراح و فى الأحزان، الأزهار هى لنا الصديق الأمين، فنحن نحب و نحن نتزوج و هى معنا .. و نحن نمرض فى فراشنا و هى معنا .. بل نحن نموت و هى معنا .. و حتى عندما نرقد فى التراب فهى تأتى لتبكى بقطرات نداها فوق قبورنا .. كيف نستطيع العيش بغيرها؟ أهناك أقسى من تصور العالم كأرمل يحيا بدونها؟ .. لكن مهما يكن ذلك مؤللماً فإن من العبث أن نخفى عن أنفسنا الواقع : نحن، برغم دنونا من الأزهار فإننا لم نرتفع كثيراً فوق مستوى الحيوان .. فما من حقيقة راسخة فى كياننا دائماً غير الجوع .. ما من شئ مهم عندنا مثل شهواتنا .. إلهنا عظيم. و لكن نبيه فى نظر أغلبنا هو الذهب .. من أجله فى سبيل قرابينه ندمر الطبيعة برمتها .. نحن نفخر بأننا أخضعنا المادة .. لكننا ننسي أن المادة هى التى أخضعتنا .. حدثينى أيتها الأزهار اللطيفة .. يا دموع النجوم! .. أتعرفين ما ينتظرك غداً من مصير رهيب ؟! )) ...
و لم أبحث أنا عن تاريخ القصيدة .. و قد نسيت الآن فى أى كتاب قرأتها؟ .. فإن اتضح أنها كانت قبل قنبلة هيروشيما .. فإن الشعر فى اليابان إذن كان قد تنبأ بهذا المصير ...