كانت فلسفة سقراط حربًا على السوفسطائية ، وكذلك كانت فلسفة أفلاطون . فإن انتصار سقراط على السوفسطائيين ، لم يزل سلطانهم ، ولم يمح آثارهم . بل نستطيع أن نقول : إن كثيرًا من السوفسطائيين اتخذوا الفلسفة السقراطية وسيلة إلى تقوية مذهبهم ، والإمعان فيما كانوا فيه من شك وتشكيك ، ولعل هذا هو الذي يفسر لنا وجود هذه المدارس السقراطية المتناقضة فيما بينها ، والتي انبثت في أقطار الأرض . فلم يكن إذًا بد لأفلاطون من أن يذهب مذهب أستاذه في محاربة السوفسطائية ، وإقامة فلسفة جديدة تعتمد على أن الحقائق ثابتة ، وعلى أن الشك ضرب من الضعف لا خير فيه ولا غناء . وقد سلك أفلاطون إلى تأسيس هذه الفلسفة سبيلًا واضحة قيمة ، ولكن سلوكها ليس باليسير على غير الفيلسوف . طه حسين