ولست أذكر هنا تأثير القرآن فى تغيير التاريخ وتحويله أمة جاهلة غافلة أمية شديدة التنافر والتدابر يضرب بعضها رقاب بعض , وينهب بعضها أموال بعض . فإذا هى تصبح أمة قد خلقت خلقاً جديداً فألفت النظام والأمن والعدل وطمحت إلى الرقى وظفرت منه بحظ موفور ونشرت هذه الخصال كلها فى أمم كثيرة فى الارض ثم مزجتها وجعلت منها أمة واحدة تتعاون على الخير والبر وترقية الحضارة . لا أذكر هذا كله ولا أطيل فيه لأنه أظهر من أن يحتاج الى ذلك . والقرآن وحده مصدر هذا كله فلولاه لظلت الأمة العربية على جهلها وغلظتها وانقسامها ولطمع فيها غيرها من الأمم المتحضرة فاستذلتها وبسطت عليها سلطانها وقد ألفت كتب قديمة وحديثة فى إعجاز القرآن ولكنها على كثرتها لم تقل فى إعجازه كل مايمكن أن يقال لأنه أروع روعة وأبهر جمالاً من أن يستنفذ فيه القول . طه حسين