وكما أن منطق أرسطاطاليس خالد فأدبه خالد أيضًا . ونريد بهذا الأدب قوانين البيان التي استكشفها أرسطاطاليس في العبارة والشعر والخطابة ، فهذه القوانين باقية خالدة ؛ لأنها الصور الطبيعية لتعبير الإنسان عن آرائه ، كما أن قوانين المنطق هي الصور الطبيعية لتكوين هذه الآراء . ومن غريب الأمر أن أهل الأدب الأوربي في أواخر القرون الوسطى وأوائل العصر الحديث ، كانوا يزعمون أن أرسطاطاليس يقيد القصص التمثيلية المحزنة بقيود يقال هي الوحدات الثلاث : وحدة الزمان ، والمكان ، والعمل ، فلما وضع كرنيل قصة السيد اشتدت حملة النقاد عليه ؛ لأنه شذَّ عن هذه الوحدات ؛ ونشأ من هذا خلاف بين الأدب القديم والأحرار من الأدب الحديث كثر فيه القول كثرة فاحشة ، ثم استكشف أدب أرسطاطاليس وما كتبه عن الشعر وعن القصص التمثلية المحزنة ، فإذا هو لم يذكر هذه الوحدات ولم يشر إليها ، وإذا آراء الأوربيين الذين كانوا يضيفون إليه هذه الوحدات لم تكن قائمة إلا على الجهل والوهم ، وإذا القوانين الأدبية التي استكشفها أرسطاطاليس لا تزال باقية صالحة للبقاء كقوانين المنطق .طه حسين