ومهما يكن من اختلاف المؤرخين فليس من شك في أن عليّاً لم يكن يستطيع أن يستبقى عمال عثمان، كان دينه يمنعه من ذلك لأنه طالما لام عثمان على تولية هؤلاء العمال، وطالما أنكر على هؤلاء العمال سيرتهم في الناس، فلم يكن يستطع أن يطالب بعزلهم أمس ويثبتهم على عملهم اليوم. وتمنعه السياسة من هذا، فهؤلاء الثائرون الذين شبّوا نار الفتنة وقتلوا عثمان لم يكونوا يكتفون بتغيير الخليفة، وإنما كانوا يريدون تغيير السياسة كلها وتغيير العمال قبل كل شيء. ولعلهم لم يكونوا يستثنون من هؤلاء العمال إلاّ أبا موسى الأشعري الذي اختاره أهل الكوفة عاملاً وأقرّ عثمان اختيارهم إياه مبتغياً بذلك استصلاحهم وصدّهم عن الفتنة. طه حسين