ليس من شك في أن عليّاً قد أخفق في بسط خلافته على أقطار الأرض الإسلامية، ثم هو لم يُخفق وحده وإنما أخفق معه نظام الخلافة كلُّه. وظهر أن هذه الدولة الجديدة التي كان يُرْجى أن تكون نموذجاً للون جديد من ألوان الحكم والسياسة والنظام لم تستطع آخر الأمر إلاّ أن تسلك طريق الدول من قبلها. فيقوم الحكم فيها على مثْل ما كان يقوم عليه من قبل من الأثرة والاستعلاء ونظام الطبقات، الذي تُستذل فيه الكثرة الضخمة، لا مِن شعب واحد بل من شعوب كثيرة، لقلة قليلة من الناس، عسى أن تكون من شعب بعينه بين هذه الشعوب، وهو الشعب الذي استقر أمر الحكم فيه. بل لم يُخفق عليّ ونظام الخلافة وحدهما، وإنما أخفقت معهما الثورة التي قامت أيام عثمان لتحفظ، فيما كان أصحابها يقولون، على الخلافة الإسلامية إسماحها وصلاحها ونقاءها من شوائب الأثرة والعبث والطغيان والفساد. طه حسين