فالرغبة المكبوتة لدى الآباء ربما كانت هي التي يورثونها للأبناء..ولو أن والدي تمكن من إفراغ كل ما في نفسه من رغبات وميول أدبية لأعفاني أنا وحررني من 'نزعة الأدب' وكن أنا قد انصرفت طليقًا إلى شيء آخر..إن أبناء رجال مثل لطفي السيد أو أحمد شوقي لم ينزعوا إلى الأدب لأن آباءهم لم يكبتوا تلك النزعة, بل أفرغوها وأطلقوها بكل طاقتها وقوتها في حياتهم..لقد ألقى والدي إذن على كاهلي أنا ما لم تهيئه له ظروفه هو أن يحمله..فما أنا إلا سجين رغبته هو التي لم يحققها بل إني سجين أشياء كثيرة أورثني إياها, فيها الطيب وفيه الردئ. هذا السجن الذي أعيش فيه من وراثات كأنها الجدران, هلل كان من الممكن الخلاص منها؟ حاولت كثيرًا كما يحاول كل سجين أن يفلت, ولكني كنت كمن يتحرك في أغلال يديه.