- سأقول لك شيئا مرعبا. في كل نصف ساعة يتسرب 50 صبيا من المدارس في الولايات المتحدة. وفي نهاية كل عام يبلغ عددهم مليونا. كل هؤلاء يذهبون إلى الشارع. - كيف يعيشون؟ - حياة الصراصير والفئران. الأرصفة، قنوات الصرف، حاويات القمامة، محطات الباص وواجهات الحوانيت ومداخل البنايات. يتبولون ويتبرزون إلى جوار السيارات المركونة. البعض يعيش على جمع الفوارغ وغير ذلك من محتويات القمامة. وإذا أسعدهم الحظ نالوا بعض الحساء في بدرومات الكنائس، و تمتعوا بحمام ساخن في أحد الملاجيء. تلاشى ذيل المظاهرة واستأنف الشارع حركته العادية. لاحظت أن اهتمامها موجه إلى جماعة من الشبان احتموا من المطر بواجهة مطعم للبيتزا: فتاة بيضاء بشعر أشقر ملبد بلله المطر وبنطلون جينز ممزق وبوت عسكري وسترة جلدية تبدوا منها بلوزة بوشم صيني، رجل أصلع أربعيني أو خمسيني يرقد كلب ضخم تحت قدميه، شاب ثلاثيني صفف شعر رأسه على هيئة رماح وارتدى سويترا كبير الحجم غطى يديه ورقبته، فتاة صغيرة لا تتجاوز العاشرة بجوار لعبة على شكل أرنب كبير وضعته في حامل أطفال جرار. استأنفت شادويك الكلام بصوت هاديء متأمل: أغلب هؤلاء الشبان يعانون من حياة عائلية مفككة. الأب والأم يتشاجران طوال الوقت أو مشغولان بنفسيهما. لا تشعر الطفلة أنها في بيت. تأخذ شرائطها الموسيقية وتغادر المنزل. تترك المدرسة وتبدأ حياة الشارع. في الرابعة عشرة يقبض عليها بتهمة السرقة من حانوت. وبعدها بثلاثة شهور بتهمة السكر في الطريق. في الخامسة عشرة يقبض عليها مرة ثالثة بتهمة حيازة ماريجوانا وبعدها بسبعة شهور تبدأ في استخدام المخدرات الثقيلة. الكراك رخيص ويحدث ادمانا في الحال. يلتقطها قواد. في السادسة عشرة يقبض عليها بتهمة الدعارة. ثم بتهمة سرقة ترانزستور. ثم تلد طفلا في الثامنة عشرة ويقبض عليها بعد شهرين بسبب الدعارة. خلال ذلك تكون فقدت القدرة على القراءة. يجد لها أصحاب القلوب الطيبة عملا في تفريغ السلع بمتجر كبير. عشرون ساعة في الأسبوع مقابل أربع دولارات ونصف في الساعة. بعد فترة لا تحتمل وتعود للشارع. تابعت شجارا نشب بين أفراد المجموعة وصاحب مطعم البيتزا. وانتهى الشجار بأن حملت الفتاة الشقراء بطانية وكيس نوم متآكل الأطراف وثبتت على ظهرها حقيبة مدرسية ثم انتقلت مع رفاقها إلى الرصيف المقابل. قالت شادويك بصوت منخفض كأنها تخشى أن تسمعها الفتاة: هل ترى الأساور التي تغطي رسغيها؟ الهدف منها إخفاء آثار المحاقن. يداها قذرتان وأظافرها سوداء مثل الفحم. جلدها دائما ملتهب. وهناك آلام مستمرة في رسغيها وكعبيها وقدميها نتيجة النوم فوق الأسفلت. وضعت الفتاة حقيبتها إلى جوار الجدار واستندت إليه ثم مدت يدها إلى المارة: امنحني الفكة غمغمت شادويك: أيام العطلات والأعياد موحشة. المدينة كلها تحتفل. المساكن مضاءة بالدفء والطعام والأسرة. وهي في الشارع. تعجبت: لماذا لا تذهب إلى أهلها؟ - أحيانا تفعل. عندما تضجر وتحن إلى البراد وورق التواليت. ثم تغادر بعد قليل. لم تعد تحتمل الجدران. أو غسل الصحون. تبكي في حضن أمها. تريد الخلاص. لكن كيف؟ أصبحت مدمنة للشارع. أشارت إلى لشاب ذي الرماح: كم تقدر عمره؟ بدا لي في حوالي الثلاثين. فالت: لم يتجاوز العشرين. وأسفل هذا السويتر آثار غزات المحاقن في يديه وعنقه. يحقن نفسه بمزيج قذر من الكوكايين والهيروين والماء أربع مرات يوميا. الجرعة ثمنها 15 دولارا. ولهذا يبيع الماريجوانا. -هل هو صديقها؟ - تقصد هل ينام معها؟ إنه لا يهتم بالجنس ولا يستطيعه. -لكن كيف عرفت كل ذلك؟ قالت وهي تدير مفتاح الموتور وتدقق النظر في المرآة الجانبية: -انها ابنتي.
اقتباسات أخرى للمؤلف