فاروق جويدة
من ألف عام .. كنت أحلم أن أري امرأة تحلق في سمائي كالفراشة فيها جنون الموج حين يعانق الشطآن في دفء ارتعاشه في صوتها وتر .. إذا انطلقت بلابله يصير الكون أغنية خجوله تنساب كالأنهار في صحراء عمري تملأ الدنيا بضحكات الطفولة * * * من ألف عام عشت أرسم صورة امرأة أري في وجهها كل الفصول وجه الربيع .. إذا ارتدت أغصانه الخضراء لون الورد وانتفضت سنابله وهامت في الحقول فيها جنون الصيف والأيام تلقي ثوبها وتدور ترقص عاريات.. بين أصداء الطبول فيها شتاء حائر .. يمضي علي الطرقات ينظر للمدى ويعود يرقب في الجليد مصيره المجهول فيها خريف لا ينام إذا بدت نذر الرحيل ولفت الأشجار أشباح الذبول فيها تعانقني الحقيقة .. كلما عصفت بنا الظلمات في الليل الجهول فيها أري نفسي .. حنين الطير .. إصرار الخيول فيها وداعة قطتي البيضاء حين تنام كالأطفال في صدري الخجول كم عشت أحلم .. أن أري امرأة علي شطآنها ألقي الرجال .. واستريح دقيقة من عالم مخبول * * * من ألف عام .. عشت أرسم في خيالي صورة امرأة يخبئها القدر كانت تطوف مع الليالي كلما سقطت طيور العمر واندثرت كأوراق الشجر تبدو بلون الفجر أحيانا.. بلون الحزن أحيانا .. وحين تغيب يختنق القمر فيها لهيب الشمس .. فيها سكرة الأمواج .. فيها لهفة الأرض الحزينة لارتعاشات المطر فيها حنين العاشقين إذا بدا طيف الفراق وعاد يدمينا السفر تخبو الملامح .. يستكين النبض .. يرحل كالصدى صوت الوتر في كل يوم كنت أحسب ما تبقي من زماني قبل أن تخبو علي العينين أشواق العمر * * * من ألف عام .. كنت أحلم أن أعانق شهرزاد وأموت في أحضانها .. ويعود يبعثني لهيب الشوق نارا كلما خمد الرماد أنسي بها الأحزان .. والزمن الكريه .. وسطوة الجلاد في كل يوم كان موج البحر يلقي للشواطئ وجه بحار غريق وأنا علي الأمواج يحملني شراع الحلم في الليل السحيق في آخر المشوار عاد السندباد .. رماد بحار تناثر في حريق لاحت أمام العين لؤلؤة بلون الصبح تبكي .. ضجت الأمواج .. وارتجف البريق وأطل ضوء خافت خلف الغيوم وظل يكبر .. ثم يكبر .. ثم أصبح نجمة بيضاء في وجه رقيق حملت يدي مثل الفراشة .. حلقت بالقلب ضمت حزنه الدامي العميق . ورأيت وجه حبيبتي بستان ضوء قد تناثر في المدى والكون يرسم في سراب العمر أضواء الطريق * * * من ألف عام .. كنت أحلم أن أطير حبيتي مثل النوارس . أن أسافر كالنغم فالسندباد العاشق المجنون أرقة الألم نتجاوز الزمن اللقيط .. ونعلن العصيان في وجه الدمامة .. والفجاجة .. والسأم نغدو بلا زمن يكبلنا ويلقي ما تبقي من رحيق العمر في كهف العدم ننساب كالأشواق حين يضمنا دفء الحنين .. فلا وداع .. ولا فراق .. ولا ندم . فاروق جويدة
اقتباسات أخرى للمؤلف