إلى نهر فقد تمرده لماذا استكنت.. وأرضعتنا الخوف عمرا طويلا وعلمتنا الصمت.. والمستحيل.. وأصبحت تهرب خلف السنين تجيء وتغدو.. كطيف هزيل لما استكنت؟ وقد كنت فينا شموخ الليالي وكنت عطاء الزمان البخيل تكسرت منا وكم من زمان على راحتيك تكسر يوما.. ليبقى شموخك فوق الزمان فكيف ارتضيت كهوف الهوان.. لقد كنت تأتي وتحمل شيئا حبيبا علينا يغير طعم الزمان الرديء.. فينساب في الأفق فجر مضيء.. وتبدو السماء بثوب جديد تعانق أرضا طواها الجفاف فيكبر كالضوء ثدي الحياة ويصرخ فيها نشيد البكارة ويصدح في الصمت صوت الوليد لقد كنت تأتي ونشرب منك كؤوس الشموخ فنعلو.. ونعلو.. ونرفع كالشمس هامتنا وتسري مع النور أحلامنا فهل قيدوك.. كما قيدونا..؟! وهل أسكتوك.. كما أسكتونا؟ * * * دمائي منك.. ومنذ استكنت رأيت دمائي بين العروق تميع.. تميع وتصبح شيئا غريبا عليا فليست دماء.. ولا هي ماء.. ولا هي طين لقد علمونا ونحن الصغار بأن دماءك لا تستكين وراح الزمان.. وجاء الزمان وسيفك فوق رقاب السنين فكيف استكنت.. وكيف لمثلك أن يستكين * * * على وجنتيك بقايا هموم.. وفي مقلتيك انهيار وخوف لماذا تخاف؟ لقد كنت يوما تخيف الملوك فخافوا شموخك خافوا جنونك كان الأمان بأن يعبدوك وراح الملوك وجاء الملوك وما زلت أنت مليك الملوك ولن يخلعوك.. فهل قيدوك لينهار فينا زمان الشموخ؟ وعلمنا القيد صمت الهوان فصرنا عبيدا.. كما استعبدوك * * * تعال لنحي الربيع القديم.. وطهر بمائك وجهي القبيح وكسر قيودك.. كسر قيودي شر البلية عمر كسيح وهيا لنغرس عمرا جديدا لينبت في القبح وجه جميل فمنذ استكنت.. ومنذ استكنا وعنوان بيتي شموخ ذليل تعال نعيد الشموخ القديم فلا أنت مصر.. ولا أنت نيل .
فاروق جويدة