وشاع أن النبي صلَّ الله عليه وسلّم قضى بقتله فتقدم ابنه وقال له: ((يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبيّ فيما بلغك عنه ، فإن كنت فاعلاً فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه ، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل أبرّ بوالده مني ، وإني لأخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس ، فأقتله ، فأقتل رجلاً مؤمناً بكافر فأدخل النار فأبى النبي صلًّ الله عليه وسلّم أن يقتله وآثر الرفق به ، وزاد في إفضاله وإجماله فكافأ الولد خير مكافأة على خلوص نيته وإيثاره البر بدينه على البر بأبيه ، فأعطاه قميصه الطاهر يكفّن به أباه ، وصلى عليه ميتاً ووقف على قبره حتى فرغ من دفنه ، وقد حاول عمر أن يثنيه عن الصلاة على ذلك العدو الذي آذاه جهد الإيذاء ، فذكر الآية : {استغفِر لَهُم أَو لَا تَستَغفِر لَهُم إن تَستَغفٍر لَهُم سَبعينَ مَرَّة ً فَلَن يَغفِرَ اللهُ لَهُم} فقال: ((لو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له زدت. عباس العقاد