قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (أيضرب أحدكم امرأته، كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر الليل؟( حقًا إن الرجل الحي الكريم ليتجافى به طبعه عن مثل هذا الجفاء، و يأبى عليه أن يطلب منهن الاتحاد بمن أنزلها منزلة الإماء، فالحديث أبلغ ما يمكن أن يقال في تشنيع ضرب النساء، و أذكر أنني هُديت إلى معناه العالي قبل أن أطلع على لفظه الشريف، فكنت كلما سمعت أن رجلًا ضرب امرأته أقول يا لله العجب، كيف يستطيع أن يعيش عيشة الأزواج مع امرأة تُضرب، تارة يسطو عليها بالضرب، فتكون منه كالشاة من الذئب، و تارة يُذل لها كالعبد، طالبًا منتهى القرب؟ لكن لا ننكر أن الناس متفاوتون، فمنهم من لا تطيب له هذه الحياة، فإذا لم تقدر امرأته بسوء تربيتها تكريمه إياها حق قدره و لم ترجع عن نشوزها بالوعظ و الهجران، فارقها بمعروف و سرحها بإحسان إلا أن يرجو صلاحها بالتحكيم الذي أرشدت إليه الآية، و لا يضرب فإن الأخيار لا يضربون النساء و إن أبيح لهم ذلك للضرورة. فقد روى البيهقي من حديث أم كلثوم بنت الصديق رضي الله عنهما قالت: كان الرجال نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن لرسول الله صلى الله عليه و سلم فخلى بينهم و بين ضربهن ثم قال: ( و لم يضرب خياركم) فما أشبه هذه الرخصة بالحظر، و جملة القول أن الضرب سلاح مر، قد يستغني عنه الخيّر الحر، و لكنه لا يزول من البيوت بكل حال، أو يعم التهذيب النساء و الرجال. عباس العقاد