من شواهد هذه الثقة بنفسه أنه حملها من ميدان الشجاعة إلى ميدان العلم والرأي حني كان يقول: اسألوني قبل أن تفقدوني، فوالذي ٍ نفسي بيده لا تسألوني في شيءٍ فيما بينكم وبني الساعة، ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة إلا أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ ركابها ومحط رحالها وزاده اتهام من حوله معتصما بالثقة بنفسه، فلما عتب عليه خصماه طلحة والزبري أنه ترك مشورتهما قال: نظرت إلى كتاب الله وما وضع لنا وأمرنا بالحكم به فاتبعته، وما استن النبي صلى الله عليه وسلم فاقتديته، فلم أحتج في ذلك إلى رأيكما ولا رأي غريكما، ولا وقع حكم جهلته فأستشريكما وإخواني املسلمني، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما ولا عن غريكما. عباس العقاد