وكان ديمقريطس يسيح في الأرض من بلاده إلى مصر والحبشة وفارس والهند وكل قطر معمور، وكانت الدنيا على أيامه قائمة قاعدة تهون فيها مصائب الآحاد إلى جانب المصائب التي تحيق بالدول والشعوب، فكان يضحك من أولئك الذين يستسلمون للأحزان ولا يعتبرون بما حولهم من عادات الزمن وصروفه، حيث ارتحل وحيث أقام، وقيل من نوادره جرأته بالسخرية على ((دارا)) جبار الفرس وهو يسيح في بلاده؛ فإن هذا الجبار أحزنه أن تموت جارية يحبها فوعده ديمقريطس بإحيائها بعد دفنها، وقال له إن الأمر لا يتطلب أكثر من كتابة ثلاثة أسماء على القبر فتعود الجارية إلى الحياة، وسأله ((دارا)) في لهفة: ((وما تكون هذه الأسماء؟)) فأجابه الفيلسوف وهو يصطنع الجد: ((أسماء ثلاثة لن يفقدوا أحدً من الأعزاء)).