لا تخضع النفس العالية للحوادث ولا تذل لها مهما كان شأنها، ولا تلين صدعتها أمام النكبات والأرزاء مهما عظم خطبها، وجل أمرها، بل يزيدها مرّ الحوادث وعضّ النوائب قوة ومراساً، وشدة ومراناً، وربما لذ لها هذا النضال الذي يقوم بينها وبين حوادث الدهر وأرزائه، وكأنما يأبى لها كبرياؤها وترفعها أن يوافيها حظها من العيش سهلاً سائغاً لا مشقة فيه ولا عناء، فهي تحارب وتجالد في سبيله، وتغالب الأيام عليه مغالبة حتى تناله من يدها قوة واغتصاباً، فمثلها بين النفوس كمثل الليث بين السباع لا تمتد عينه إلى فريسة غيره، ولا يهنأ له الطعام غير الذي تجمعه أنيابه ومخالبه . مصطفي المنفلوطي