ولم أر في حياتي منظراً أبرد ولا أسمج، من منظر المسلم الذي يجالس المسيحي في مجتمع عام فيقول له: إني أحبك محبتي لنفسي؛ لأني أعتقد أن كلينا يعبد إلها واحدا ويدين بدين صحيح يأمر بفضائل الأعمال وينهى عن رذائلها، وربما كان يضمر له في قلبه في تلك الساعة من العداوة والبغضاء ما لو طارت شرارة منه لأحرقتهما جميعا وتركتهما رمادا تذروه الرياح، وعندي أن الأفضل من هذا الرياء الكاذب والدهان المصنوع أن يقول له: إني أعتقد صحة ديني, فلا بد لي من أن أعتقد فساد غيره من الأديان؛ لأني لو كنت معتقدا صحتها لتقلدتها وهجرت ديني لأجلها، وإني على ذلك لا أحمل لك في صدري ضغينة ولا موجدة لأني أعلم أنك إنسان، وديني لا يسوغ لي أن أبغض أحدا من الناس، غير أني لا أستطيع أن أحبك محبتي لأخي المسلم؛ لأني إن أحببت الذي يساعدني على حفظ مالي أو صيانة ولدي حبا جما فأحرى بي أن أحب الذي يساعدني على حفظ ديني الذي هو أعز علي من نفسي, وولدي حبا لا حد له .مصطفي المنفلوطي