أنت لم تكن تهتم بي و أنا لم أكن أهتم بك و لكن علام تشلّ أوصال روحي للدنوّ من مكان حللته؟ و علام اضطرابك و ارتعاش يديك إذ تلمح خيالي عن بعد؟ أنت لم تكن تنظر إليّ، وأنا لم أكن أنظر إليك و لكن لماذا كانت تتبلبل خواطري، و أهرب عند قدومك؟ و أنت إن لم تستطع السكوت فلماذا يخرج صوتك متقطعاً متهدّجاً كأنك تجاهد لتقهر تأثراً ما؟ أنت لم تكن تعبأ بوجودي، و أنا لم أكن أعبأ بوجودك و لكن لماذا كنت أخاشنك متعمدة الإعراض و عدم الانتباه؟ لماذا وأنت مثال الوداعة و التهذيب، كنت تكفهّر لحضوري و تنقبض كمن يودّ أن يتجنى عليّ أو كمن يخشى أن يرمي بالبشاشة والمجاملة، ثم يعود نظرك في المرة التالية يستصفحني عن زلته؟ أنا التي كنت أغتفر لك وأتناسى قبل أن تحدث نفسك بالإستغفار! أنت لم تكن تفكر فيّ، و أنا لم أكن أفكر فيك و لكن لماذا كنتُ أحيد عن طريقك لئلا ألتقي بك، و أنا التي أودّ أن أبحث عنك في كل مكان؟ و لماذا كنتَ تتقن خطواتك إذ تعلم أني أراقبها؟ و تنغّم نبرات صوتك و تنوّعها إذ تعلم أنها واصلة إليّ؟ أنت لم تكن لي شيئًا، و أنا لم أكن لك شيئًا و لكن وجوه القائمين حولك كنت أراها متألقة بنورك، و أنتَ كانت تدهشك كل حركة مني كأنها لم يأتها قبلي إنسان!مصطفي الرافعي