مصطفى صادق الرافعي
لقلب الكريم لاينسى شيئا احبه ولا شيئا الفه اذ الحياة فيه دائما هي الشعور والشعور يتصل بالمعدوم اتصاله بالموجود على قياس واحد ،فكأن القلب فيما يحمل من المعجزات بعض السر الازلي الذي يحيط بالابعاد كلها احاطة واحدة ،لانها كلها كائن فيه : فليس بينك وبين ابعد ما مر من حياتك الا خطوة من الفكر هي للماضي اقصر من التفاته العين للحاضر.. ليس بجمال الا ذلك الروح الذي يرفع النفس الى افق الحقيقه الجميله ثم ينفخ فيها مثل القوة التي يطير ويدعها بعد ذلك تترامى بين افق الى افق فإما انتهى المحب الى حيث يصير هو في نفسه حقيقه من الحقائق،واما انكفأ من اعاليه وبه ما بالطياره الهاوية : رفعت راكبها الى حيث ترمي به ميتا او كالمغشي عليه من مس الموت! وليس بحب الا ما عرفته ارتقاءا نفسيا تعلو من الروح بين سماوين من البشريه فتلوح منهما كالمصباح بين مراتين :يكون واحدا وترى منه العين ثلاثة مصابيح فكأن الحب هو تعدد الروح في نفسها وفي محبوبها ! ولا سمو للنفس الا بنوع من الحب مما يشتعل الى ما يتنسم ، من حب نفسك في حبيب تهواه ، الى حب دمك في قريب تعزه ، الى حب الانسانيه في صديق تبره، الى حب الفضيله في انسان رأيته انسان فاجللته واكبرته .فاذا انت اصبت في الخليقه من اغفل الله قلبه عن تلك الاربعه فلا حب ولا صله ! ولا يالف ولا يؤلف! لقد عرفنا ان في السماء جنه ونارا واقسم لو صغرت الجنه وجعلت ارضيه تلائم حياة رجل من الناس ، ثم عجلت له هذه الحياة الدنيا ، لما كانت بمتاعها ولذاتها وفنون الجمال فيها الا المراه التي يحبها ! فمن المراه حلو لذيذ يؤكل منه بلا شبع : ومن المراه مر كريه يشبع منه بلا اكل !مصطفي الرافعي
اقتباسات أخرى للمؤلف